وفيات في اليونان بسبب موجة حارة شديدة.. والدماغ المتأثر الأكبر

كانت صدمة عندما تم العثور على جثة مايكل موسلي، الطبيب والمقدم التلفزيوني الشهير في المملكة المتحدة، في وقت سابق من هذا الشهر بعد المشي لمسافات طويلة في درجات حرارة شديدة في جزيرة سيمي اليونانية.

يونيو 19, 2024 - 16:45
 0  10
وفيات في اليونان بسبب موجة حارة شديدة.. والدماغ المتأثر الأكبر
كانت صدمة عندما تم العثور على جثة مايكل موسلي، الطبيب والمقدم التلفزيوني الشهير في المملكة المتحدة، في وقت سابق من هذا الشهر بعد المشي مسافات طويلة في درجات حرارة شديدة في جزيرة سيمي اليونانية.

لكنها الآن واحدة من سلسلة من الوفيات والاختفاءات بين السائحين في اليونان، حيث تعاني البلاد موجة حارة قوية مع بداية موسم الصيف مع درجات حرارة تزيد على 40 درجة مئوية (104 درجات فهرنهايت).

وعُثِر يوم السبت الماضي على سائح هولندي متوفياً في جزيرة ساموس اليونانية، وفي اليوم التالي تم العثور على جثة سائح أميركي في ماثراكي، وهي جزيرة صغيرة تقع غرب كورفو. ألبرت كاليبيت، سائح أميركي آخر، مفقود منذ أن انطلق في نزهة في 11 يونيو على جزيرة أمورجوس، واختفت امرأتان فرنسيتان في سيكينوس بعد خروجهما في نزهة.

ولا تزال جثث القتلى بحاجة إلى فحص لتحديد السبب الدقيق للوفاة، لكن السلطات تحذّر الناس من التقليل من آثار درجات الحرارة الحارقة.

وقال بيتروس فاسيلاكيس، المتحدث باسم الشرطة في منطقة جنوب بحر إيجه، لرويترز: «هناك نمط شائع.. لقد ذهبوا جميعاً في نزهة وسط درجات حرارة مرتفعة».

يقول بعض العلماء إن ما يحدث في اليونان علامة تحذير حول تأثيرات الحرارة الشديدة في الجسد، وخاصة الدماغ، ما قد يسبب الارتباك ويؤثّر في قدرة الشخص على اتخاذ القرار وحتى إدراكهم للمخاطر.

في الوقت الذي يؤدي فيه تغيّر المناخ إلى موجات حرارة أطول وأكثر شدة، يحاول العلماء كشف كيفية تعامل أدمغتنا.

الدماغ «المفتاح الرئيسي»

وقال داميان بيلي، أستاذ علم وظائف الأعضاء والكيمياء الحيوية في جامعة كاليفورنيا، إن الأبحاث ركزت تقليدياً على تأثير الحرارة الشديدة في العضلات والجلد والرئتين والقلب، لكن حسب بيلي، «الدماغ بالنسبة لي هو المفتاح لكل ذلك».

في الدماغ يتم تنظيم درجة حرارة الجسم، وتعمل منطقة تحت المهاد، وهو هيكل صغير على شكل ماسة، بمثابة منظم الحرارة.. يؤدي رقصة دقيقة للحفاظ على درجة حرارة الجسم الداخلية عند 37 درجة مئوية (98.6 فهرنهايت) أو قريبة جداً منها. عندما يكون الجو حاراً، تقوم منطقة ما تحت المهاد بتنشيط الغدد العرقية وتوسيع الأوعية الدموية لتبريد الجسم.

لكن الدماغ يعمل بشكل جيد ضمن نطاق ضيق من درجات الحرارة وحتى التغيرات الصغيرة يمكن أن تؤثّر فيه وتسبب مثلاً الشعور بالبطء والكسل في يوم صيفي دافئ.

ولكن مع زيادة الحرارة، يمكن أن يكون لها آثار خطيرة، بما في ذلك انخفاض السوائل في الجسم وتقليل تدفق الدم إلى الدماغ، كما قال بيلي، ويقارن بيلي الدماغ بسيارة هامر، فيحتاج إلى موارد هائلة ليعمل.

أظهرت الاختبارات التي أجراها على المشاركين في البحث في غرفة بيئية، حيث رفع درجات الحرارة من 21 إلى 40 درجة مئوية (نحو 70 إلى 104 فهرنهايت)، انخفاضاً في تدفق الدم إلى الدماغ بنحو 9% إلى 10%.

وقال بيلي: «هذا أمر كبير من حيث عدم الحصول على ما يكفي من الوقود لمحرك يعمل بأقصى سرعة طوال الوقت».

قالت كيم ميدنباور، عالم الأعصاب في جامعة ولاية واشنطن، إن الحرارة الشديدة يمكن أن تعطل نشاط الدماغ الطبيعي، وقالت لشبكة CNN إن شبكات الدماغ التي تسمح عادة للناس بالتفكير بوضوح، والتذكر، وبناء وصياغة الأفكار، يمكن أن «تخرج عن السيطرة».

يصبح من الصعب اتخاذ قرارات معقدة، مثل المسار الذي يجب اتخاذه للتنزه، وهو قرار قد يبدو بسيطاً ولكنه يتطلب الموازنة بين عدة عوامل مختلفة.

وأضافت أن هناك أيضاً أدلة تشير إلى أن الناس أكثر عرضة لاتخاذ قرارات محفوفة بالمخاطر والانخراط في سلوك متهور عندما يتعرضون للحرارة.

إن التصور المتغير للمخاطر المقترن بضعف الوظيفة الإدراكية يمكن أن يكون له عواقب وخيمة للغاية، وقالت «أنت لا تتحدث فقط عن احتمالية الشعور بالدفء قليلاً وربما التعرض لحروق الشمس، بل تتحدث عن (مواقف) قد تهدد حياتك، مثل اتخاذ قرارات سيئة، أو تشويش حكمك».

بدأ العلماء للتو كشف نطاق تأثيرات الحرارة في الدماغ، ليس فقط من حيث اتخاذ القرار ولكن أيضاً المزاج والعواطف والصحة العقلية.

وقال ميدنباور: «إن فهمنا ضئيل جداً حقاً وإنه أمر غير معروف في هذه المرحلة».

من هو الضعيف؟

بعض الناس أكثر عرضة للحرارة من غيرهم.. كبار السن، وخاصة أولئك الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً هم أكثر عرضة للخطر، لأن أجسامهم لا تنظم الحرارة دائماً أيضاً.

كان جميع الأشخاص الذين فقدوا في اليونان في منتصف الخمسينيات من عمرهم أو أكبر.

ويواجه الأطفال الصغار والنساء الحوامل أيضاً مخاطر مرتفعة، كما الحال مع أولئك الذين يعانون حالات موجودة مسبقاً، بما في ذلك حالات الصحة العقلية.

لكن الحرارة يمكن أن تكون خطيرة على أي شخص.

في عام 2016، تابع فريق من العلماء 44 طالباً جامعياً خلال موجة الحر في بوسطن، ووجدوا أن أولئك الذين لا يستخدمون مكيفات الهواء شهدوا انخفاضاً كبيراً في الأداء المعرفي.

وقال خوسيه غييرمو سيدينيو لوران، أحد مؤلفي البحث والأستاذ المساعد في كلية روتجرز للصحة العامة: «لا أحد محصن ضد الآثار الصحية للحرارة.. إن دماغنا عضو حساس للغاية».

وقال بيلي إن الشخص الذي يتمتّع بلياقة بدنية عالية ويدرك المخاطر ويحمل الكثير من الماء لا يزال يقامر إذا قرر الذهاب في نزهة في درجات حرارة مرتفعة للغاية.

«اتخاذ قرارات خاطئة يمكن أن يكلفك حياتك».